الخميس، 6 أكتوبر 2011

حبيب الصايغ يرسم بالشعر لوحات تشكيلية في اتحاد الكتاب

حبيب الصايغ يرسم بالشعر لوحات تشكيلية في اتحاد الكتاب
 آخر تحديث:الأربعاء ,05/10/2011

الشارقة - عثمان حسن:







هو الشعر كلمحة خاطفة، تثقب صدر المدى، لمحة حائرة، بل ثائرة في فضاء اللغة والدلالة، أما المعنى، فهو سهم يخترق جوانح الغيب تتكشف ملامحه في الصدى المنثور على قارعة الأسى والمسرة .
غيض من فيض أسئلة الشاعر حبيب الصايغ رئيس مجلس إدارة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ألقى بها وهو يرمي بمتن نصوصه، بما اشتملت عليه من ملمح فلسفي، يشتغل على الحاضر والمضمر بإصغاء شديد، وتوثّب يروم فك طلاسم الكون، وذلك في أمسية نظمت، أمس الأول، في مقر الاتحاد على قناة القصباء في الشارقة، وتضمنت قراءات من قصائد ديوانه الجديد “كسر في الوزن” الصادر حديثاً عن مؤسسة الانتشار العربي في بيروت، ويتضمن 40 قصيدة، أتبعها بحفل توقيع للكتاب .

أدار الأمسية الشاعر طلال سالم الذي أثنى على تجربة الصايغ، وعدّه من رموز الساحة الشعرية العربية بما يتميز به من خبرة ووعي طبعت إصداراته التسعة، وتمخضت عن رؤية ثاقبة تستحق الثناء .
قرأ الصايغ نحو عشرين قصيدة قصيرة نذكر منها: “نجمة”، “شراع”، “نجمة ثالثة”، “السؤال”، “الرقم”، “الحب من طرف واحد”، “ثلاثة عناوين شبه دائمة”، وتتفرع إلى: “أيلول والجملة الأسمية وعصر 24 ديسمبر”، كما قرأ “سماوات خمس” وهي قصيدة من خمسة مقاطع شعرية (السماء التي حجبتها المظلة، هي تبدو سماء فقط، السماء من النافذة، السماء التي في السماء، وسماي)، كما قرأ قصيدة كتبها عام 2005 بعنوان “مصر” وفيها قبس من ثورة، ورائحة مصرية تليق بأرض الكنانة مولدة المفاجآت، وجاء فيها:


(أدر الحلم في الرؤوس اشتعالا

واسكب الكأس حلوة وحلالا

إن بين الأسماء مجد سماوات

تعالى في كونه وتعالى) .

يميل الصايغ في هذه التجربة الجديدة إلى التكثيف والاقتصاد في اللغة، كما ينزع إلى التشكيل وصياغة مشاهد بصرية ترفع سقف الدلالة أمام المتلقي، بدا ذلك واضحاً في “سماوات خمس” التي قدم من خلالها سيناريوهات إشارية لسيرة ذاتية على الأغلب، وكانت السماء في كل مقطع من مقاطعه الخمسة تتبدل وفق تحولها في ذات الشاعر، فبينما كانت في الأولى سماء تستند إلى خلفية “الشتاء”، استندت في الثانية إلى مفردة “الصباح” الذي بدا ملبّداً في خانة الموت، وكئيباً ومتشحاً بالشحوب، وهكذا في كل واحدة من سماءاته على التوالي .

ففي “هي تبدو سماء فقط” يقول:

(كيف أصبحت؟ قال الفتى، وتمنت عليه

المكوث إلى آخر الليل . قال: مضى

الليل . أقسم، واتخذت موقف العاشقات

القديمات حين يغازلن أقدارهن

وينجحن في صد جيرانهن) .

إلى أن يقول:

(كيف يصبح من لا يرى الصبح أصلا

وشباكه سرقته الظنون؟

كيف يصبح أهل الهوى حينما يصبحون؟

وهل يشعرون بأن الصباح قيامتهم كلما

انزاح حلم خفيف

وشاركهم غيره محنة النوم؟) .


وقرأ من قصيدة “الأسماء”:
(من ذا، بين الطلقة والطلقة،
ينكش شعر الأسماء

لتكون، كعادتها،

جثثاً طافية في الماء) .

في قصيدة “أيلول” ينزع الصايغ إلى التذكر، حيث شغب الطفولة والشباب، وهو يستخدم أيلول قنطرة بين الصيف والشتاء، رمزاً للعودة والتلاقي، ولسان حاله يقول:

(يسافر أيلول أطول من كل شهر،

وحين يجيء يقيم طويلا

وفي بعض أعوامه يستطيب الإقامة

ستين يوماً وأكثر

له ميزة بين أقرانه،

فهو يمضي عميقاً إلى عادة المشي فجرا

ويشرب ماء الصنابير كالبسطاء

ويأخذ من أثر الصيف خبزاً وخمرا

يكونان بعض مؤونته في الشتاء

له مهنة الانتظار

وقد أخطأ الناس أبراجهم

برج أيلول جوزاء مستنفر وهواء

برجه عودة الأصدقاء

وشوق أميرة قلبي إلى المدرسة

برج أيلول أن نتعشى معاً في البحيرة

ثم نرد الشموع

إلى أهلها في أعالي الجبل

أن نصب على كأس آثامنا

جدولا من عسل) .



ليست هناك تعليقات: