الثلاثاء، 1 مارس 2011

في اتحاد الكتاب للاحتفاء باللغة العربية
من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات‏ في 27 فبراير، 2011‏، الساعة 11:27 مساءً‏‏
أمسية في اتحاد الكتاب للاحتفاء باللغة العربية
الرغبة في إحياء اللغة بأساليب وأدوات لا تنتمي إلى العصر

إسلام أبو شكير

 نظم نادي الشعر في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الأحد 27/2/2011 أمسية شعرية احتفى فيها باللغة العربية بمناسبة اليوم الوطني لها، والذي يصادف اليوم الأول من شهر مارس / آذار من كل عام، وذلك في مقر الاتحاد في الشارقة.
وشارك في الأمسية كل من الشعراء د. خالد منصور من سورية، ورعد أمان من اليمن، وجميلة الرويحي من الإمارات، وأكرم قنبس من سورية.

وكان واضحاً أن المشاركين جميعاً كانوا على درجة عالية من الصدق في مشاعر القلق على اللغة العربية مما يتهددها من مخاطر، مقروناً بالثقة في قدرتها على تجاوز أزمتها، والنهوض للمهمات الجسيمة التي تنتظرها، إلى جانب مشاعر الاعتزاز بتاريخها، وما لعبته من أدوار على مستوى الحضارة الإنسانية.

إلا أن اللافت للنظر هو غلبة النبرة الخطابية على نصوصهم جميعاًُ، مع نزوع واضح نحو المباشرة في تناول الفكرة، وميل إلى المبالغة والتضخيم. ولم تشهد الأمسية تجاوزاً للمألوف سواء من حيث الصياغة، أو الصورة، أو زاوية الرؤية، وقد ولد ذلك مفارقة تدعو إلى النظر، فالمناسبة منظمة أصلاً للعمل على إحياء اللغة، والكشف عن طاقاتها الإبداعية الخلاقة، وإثبات قدرتها على محاورة العصر والانخراط فيه، في حين جاءت النصوص متمترسة خلف أساليب تقليدية، وصور مكرورة تنتمي في أقل تقدير إلى مئة عام مضت، عندما كان العصر غير العصر، والحياة غير الحياة.





يقول د. خالد منصور مشبهاً اللغة العربية بالدرة المكنونة:
يا درّةً مكنونةً عزّتْ بها                        أممٌ، وذلّتْ دونَها الأوطان
لغةٌ تبارك وقعُها وبيانُها                        وتلاحمت في ظلّها الأركان
ويقول على لسان اللغة العربية مطالباً بنصرها:
هبّوا لنصري باليراع وبالحجا           خيرَ الأنامِ حماكم الرحمن





أما رعد أمان فقرأ مقطوعتين للأطفال، ومما جاء في إحداهما:
أَحَبُّ اللغات إلينا وأشرفُها العربيّهْ
تحِنُّ كأمٍّ علينا وطاعتُها واجبيّهْ
ثم قرأ قصيدة بعنوان (لا تحزني سعاد) ومطلعها:
نوحي سعادُ على الأمجاد وانتحبي       وانعي معي درّةَ التاريخِ للعرب
ما عاد إلاّ البقايا من مفاخرنا            سوداً لَبَدْنَ كما النسوان في سلب
وكانت قصيدة مغرقة في بعدها عن واقع الحياة، لا سيما من حيث طبيعة الصور المستخدمة فيها، ومنها التشبيه المألوف للغة بالدرة
.




وقرأت جميلة الرويحي نصاً

لُغَةُ البَيانِ
أُمِّي التي أرْضَعتني حَرْفاً سائغاً
حَرْفاً أصلُهُ ثابتٌ وفرْعهُ
في السماء
أُمِّي
لُغَةُ البيانِ دَثَّرَتْني زَمَّلَتني
أَيْقَظتني على أنغامِ
حُروفِها
اِلْتَقَطْتُها دُرَّةً دُرَّةْ
أنا ابنةُ البَحْرِ
أبي غَرَسني على الشاطيء
أصْبَحتُ مَنارةً وضاءة
وحارسَةً لِنَخلةِ الضَّاد ِ
نَتَفيَّأُ ظِلالُها
تُعانِقُنا كِباراً وصغاراً
إِنَّها لنا زادُ العُمر ِ
وشَلاّلُ نورِ الأيّام
إنها لنا آفاقٌ منفتحةٌ
على جهاتِ الفكرِ
وآياتِ الذِّكرِ
فمن أيِّ القطوفِ شئتَ
تقدم يا بلبلَ الضادِ
فهذهِ أمُّكَ ..وأُمِّي
وأُمُّ حضارةِ نتباهى بها
بين الشعوبِ
هذهِ أُمُّ العلومِ
وأم مفاتيحِ  معارجِ العُلا
هذهِ أُمُّ "اقرأ" و" نون والقلمِ وما يسطرون "
يا أُمَّةَ الضّادِ
هذه النخلةُ أُمٌّ
فما أكرَمَها إلا كريمٌ
وما أهانها إلا جاحدٌ لئيم
يا جُذْوَةَ الضّادِ  قُلُوبُنا محطَّاتُ إِمْدادِك
وعُقولُنا مَيادينٌ تَتَّسِعُ
لِقناديلِ إبداعِكِ
وقَصائِدُنا ،وحًناجِرُنا ومَواويلُ بلابلنا
سَتَبْقى لكِ تُغنّي حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
مِنْ مَغْرِبَها
وهيهاتَ أن يُفَرِّقَنا نَعيبُ غُرابٍ
أَو غِربانٍ أو قُطْعانٍ
فالضّادُ أُمِّي ، وأُمِّي نَهْجُها الضّادُ
                                وما لنا غَيْرَها نايٌ وإنْشادُ
هيَ المَليحةُ أنَّى جئْتَ كَوْثَرَها
                              فكُلُّ تَدْفاقِها نُوْرٌ وأَعْيادُ
فَلْيَشْرَبِ الْحاقِدونَ المَوْتَ إنْ جَمَحُوا
                           أوْ فليذوقوا شَذاها فَهْوَ أَمْجاد




وختم د.أكرم قنبس الأمسية بقصيدة عنوانها (عذارى الضاد)، وكانت محاكاة لقصيدة حافظ إبراهيم الشهيرة (اللغة العربية ترثي نفسها). يقول قنبس في مطلع قصيدته:
أأشدو وقد سدّ الزمانُ لهاتي             وأدمن إيذائي ووأدَ بناتي
وفيها يستخدم أمثالاً انقطعت الصلة بينها وبين عصرنا:
لقد اكلتْ مجيرها أمُّ عامرٍ              بما استرضعتْ من أكؤس الغَدَرات
كما يعيد القول فيما هو متداول حول قدسية اللغة العربية مستخدماً عبارات لا جديد فيها من نوع (الراية التي ترفرف) و(أذوب بها وجداً)..
لها بين عرش الله والأرض راية        ٌ        ترفرف رغم الكيدِ والكدرات
أذوبُ بها وجداً وتعلم أنّني              بُلَيْبِلُها الصدّاحُ في الخلجات
لقد أراد شعراء الأمسية أن يحتفوا باللغة العربية، وأن يؤكدوا طاقاتها الخلاقة، وقدرتها على مواكبة الحياة، واستيعاب متغيّراتها المتسارعة، إلا أن أدوات التعبير التي استخدموها أعطت انطباعاً مغايراً تماماً، وقدمت صورة عن لغة ما زالت تعيش في عصر سعاد، وأم عامر، وبين الخيول، وفي الصحراء، وسواها من عناصر الحياة التي لم نعد نسمع عنها إلا في كتب التاريخ..

 

ليست هناك تعليقات: